مطلقا، وهذا شأن جميع المعاني التي يتوهمها متوهموها عند سماع بيت مستغلق أو كلمة غامضة، فهي بأن تكون معاني السامعين، أولى من أن تكون معاني القائلين.
إذا سمعت بيتا من السعر فأطربك أو أحزنك أو أقنعك أو أرضاك أو هاجك وأنت ساكن، أو هدأ روعك وأنت ثائر، أو ترك أي أثر من الآثار في نفسك كما تترك النغمة الموسيقية أثرها في نفس سامعها، فاعلم أنه من بيوت المعاني، وأن هذا الذي تركه في نفسك من الأثر هو روحه ومعناه، وإن مررت ببيت آخر فاستغلق عليك فهمه وثقل عليك ظله وشعرت بجمود نفسك أمامه, وخيل إليك أنك بين يدي جثة هامدة لا روح فيها, فاعلم أنه لا معنى له ولا حياة فيه، فإن وجدت صاحبه واقفا بجانبه يحاول أن يوسوس لك أن وراء هذه الظلمة الحالكة المتكاثفة نورا متوهجا يكمن في طياتها فكذبه وفر بنفسك وأدبك وذوقك منه فرارا لا عودة لك من بعده.
هذا هو الميزان الذي يجب أن تزن به الكلام، ونصيحتي إليك ألا تصدق تعريفا واحدا من تلك التعريفات المتعددة المتناقضة التي يضعها واضعوها من الأدباء لأشعارهم خاصة لا للشعر عامة، واجعل شعور نفسك هو الميزان الذي تزن به ما تسمع،