وتحريف الصكوك وتقليد الأختام والبراعة في النصب والاحتيال، يكاد يستوي في ذلك العالم والجاهل والشريف الهاشمي والفلاح القروي.
وليتنا إذ أخذنا جاهليتهم أخذناها كما هي رذائل وفضائل فيهون على المصلحين أمرها, ولكنا أسأنا الاختيار، فلنا خرافاتهم الدينية وأدواؤهم الاجتماعية، وليس لنا كرمهم ووفاؤهم، وغيرتهم وحميتهم، وعزتهم ومنعتهم، فكيف لا يكون الأمر خطيرا، وكيف لا تكون الجاهلية الأخرى أحوج إلى دعوة كدعوة النبوة من الجاهلية الأولى.
نبئني عن الإسلام أين مستقره ومكانه، وأين مسلكه ومضطربه، وفي أي موطن من المواطن حل ومعهد من المعاهد نزل، أفي الحانات والمواخير التي يغص بها الفضاء، وتئن منها الأرض والسماء، والتي ينتهك فيها المسلمون حرمات دينهم بلا خجل ولا حياء، كأنما هم يشربون الماء الزلال، ويغشون البضع الحلال، ولقد هان عليهم أمر أنفسهم حتى لو وجدوا بينهم من يرى البُقيا في عمله أو التجمل في أمره سموه جبانا جامدا، أو متكلفا باردا، كل ذلك على مرأى ومسمع من الحكومة الإسلامية والمعاهد الدينية والقضاءين الشرعي والنظامي؟