وسلاحا في يديه يحارب به ذلك المصلح الذي يريد به خيرا مما يريد بنفسه, وأنى له بعد أن نال منه قديمه ما نال أن يرى ويسمع فيعلم ما هذا الذي يدعى إليه أخير هو أم شر، وفريق آخر وهو الأقل عددا والأوفر ذكاء وعقلا يدعى إلى الحق فيجيب ويقاد إلى الخير فيتبع, لم تفسده عصبية ولم تقعد به هجمية ولم تضق به بصيرته أن يتبين عند بزوغ فجر الدعوة بياض الحق من سواد الباطل، أولئك هم أعوان المصلح وأنصاره لا يزال الحرب سجالا بينهم وبين أعدائه, حتى يصنع الله لهم فيقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
وعظيم الأمة الإسلامية ومصلحها اليوم هو سيد العلماء وواحد الأتقياء الأستاذ الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، وما منّ الله على هذه الأمة في كثير من قرونها الماضية كما منّ عليها به اليوم ولا ابتلي عظيم من العظماء في أمته كما ابتلي في هذه الأمة هذا الرجل العظيم الذي نظر إليها نظر الطبيب الحاذق إلى عليله، فرأى بعد ما بين سابقها ولاحقها وانقطاع ما بين حاضرها وماضيها, فعلم أن داءها داء دوي وبلاءها بلاء عظيم, ورأى أجزاء جسمها تتحلل إلى ذرات ثم تتلاشى, ورأى صفرة الموت تجول في وجهها وأغربة الفناء تحلق فوق رأسها