للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضربة ولى من بعدها على عقبه إلى حيث لا مطمع في أوبته.

قص علينا الشيخ -رحمه الله- هذه القصة في درسه, ولم يذكر لنا من شأن الرجل ولا من صفاته ما يدل عليه، ثم أطرق برأسه واستمر على ذلك ساعة خيل لنا فيها أنه يكاتمنا دمعة تترقرق في عينيه, ثم رفع رأسه وأنشأ يتكلم بنغمة محزنة مؤثرة ما تركت في مكامن المحاجر دمعة إلا أسالتها وقال:

لقد خضت غمرات هذه الحياة وما بلغت العشرين, وها أنا قد نيّفت اليوم على الخمسين ولا أعلم أني طمعت في يوم من أيام حياتي في شيء مما زواه الله عني, كما لا أعلم أني نظرت إلى زخرف هذه الحياة وزبرجها نظر المتشهي المتمني الذي يشتد في أثرها عدوا ويقتل نفسه وراءها صبرا، ولقد مرت بي في كثير من أيامي الماضية ساعات كان لي فيها من الدالة على أصحاب هذا المصر وأربابه وذوي الجاه والسلطان فيه ما يملأ بيتي فضة وذهبا, ورحابي عبيدا وخولا لو ابتغيت السبيل إلى ذلك، فعافت كل ذلك نفسي ولا أكتمكم أني كنت أعالج من مجاهدة هذه الشهوات ومدافعتها ما يجب أن يعالجه كل من نشأ منشئي بين قوم شرهين طامعين، وكنت أحسب أن قد انتشر لي بين الناس من الذكر بالعفة والشرف وإباء النفس ما يثلج به صدري

<<  <  ج: ص:  >  >>