بمغنٍ عنكم عندنا شيئا؛ لأن الوطني لا يحارب الوطني ولا يبتغي له الغوائل، ولا ينصب الحبائل لهدمه وإسقاطه.
دعوى الوطنية كلمة بسيطة تصدر من الفم بسهولة، كما يتنفس المتنفس ويتنهد المتنهد، وقد نطق بها جميع الناس في مصر حتى "سكينة" مجرمة الإسكندرية، فقد زعمت أنها إنما كانت تخدم الوطن بقتل النساء العاهرات ليعتبر بمصرعهنّ الحرائر الشريفات, فلا يسقطن في مثل ما سقطن فيه، فهي دعوى محتاجة دائما إلى برهان، وبرهانها الوحيد الذي نستطيع أن نتعقله بلا تكلف ولا تعمل ولا فلسفة ولا حذلقة هو مجافاة السياسة الإنجليزية والانحراف عنها والتجهم لها وسلوك كل طريق غير طريقها، وما دمتم متفقين معها في اعتبار سعد باشا خصما سياسيا خطرا يجب هدمه وإسقاطه, فأنتم أعوانها وأنصارها ومحال أن تكونوا أعواننا وأنصارنا.
السياسة الإنجليزية تخنق الحرية السياسية في مصر, وتضرب على أيدي الكاتبين وألسنة الناطقين وعقول المفكرين، وتأبى إلا أن تسوق الناس جميعا في طريق السياسة التي ترضاها لنفسها، وسعد باشا يحتج كل يوم على ذلك ويصرخ الصرخات المزعجات التي ترتجف