أن يعلم الناس عنا أن السياسة الإنجليزية قد استطاعت أن تضحك على ذقون فئة من عظماء المصريين ووجوههم، وتتخذ منهم عصا حديدية تضرب بها الوحدة المصرية وتمزقها، وأن جماعة من الذين كانوا يعبدون سعدا بالأمس ويقدسونه قد أصبحوا اليوم يشتمونه وينالون من كرامته لا لشيء سوى أنهم يدورون مع القوة حيث دارت، ويسيرون وراء المصلحة حيث سارت.
أنتم تعلمون أن اليد الإنجليزية الخفية هي التي تدير شئون مصر السياسية والإدارية والقضائية منذ أربعين عاما، وتقهر رجال حكومتها من وزرائها إلى خفرائها على تنفيذ أوامرها والخضوع لسياستها، ولم يطرأ حتى اليوم طارئ جديد يغير هذا النظام ويبدله، ولولا ذلك ما شكونا ولا تألمنا ولا نهضنا لطلب الحرية والاستقلال، بل ولا سافرت البعثة الرسمية في المهمة التي سافرت فيها، وتعلمون أن تلك اليد القاهرة هي التي تولت أمر اغتصاب الثقة بالوزارة الحاضرة, وقهرت رجال الإدارة على الاشتراك معها فيها تمهيدا للاتفاق المنتظر الذي تريد أن تلبسه صورة الرضا والاختيار من أساسه إلى ذروته، كما هو شأنها في سياستها دائما، وكما هي قاعدتها التي تجري عليها في جميع أعمالها.