والأحلام لا نستطيع أن نعيش بغير معبود نعبده ونخنع له، أليس من الطبيعي والمعقول أن نفضل عبادة الشمس التي نرى نورها ونشعر بحرارتها ونتمتع بضيائها على عبادة الحشرات التي لا نكاد نشعر بوجودها، ولا نرى لها فائدة في شئون حياتنا؟
من أنتم أيها القوم، وأي شأن لكم عندنا، وما هي الصلة النفسية التي تجمع بيننا وبينكم، وأين مواقفكم التي وقفتموها في خدمة قضيتنا، وأين صحائفكم التي شغلتموها من تاريخ بلادنا، وما الذي يغرنا بكم ويبهرنا من شئونكم لنعبدكم ونستسلم إليكم ونضع في أيديكم قيادنا وقياد حاضرنا ومستقبلنا؟
إنا نعرفكم جميعا بأشخاصكم وأعيانكم, ونعرف جميع ميولكم وأهوائكم والجهة التي تتجهون إليها دائما في شئون حياتكم، والسياسة التي تظاهرونها وتمالئونها مذ برزتم إلى الوجود حتى اليوم، ونعرف أنكم ذلك الفريق الذي يعثر به المستعمر دائما في كل أمة يريد القضاء عليها فيستعين به على أغراضه ومآربه لا أكثر من ذلك ولا أقل، فكيف تطمعون في أن نتخذكم زعماء لنا في سياستنا، بل كيف تطمعون في أن نعدكم مصريين تشتركون معنا في شعورنا وإحساسنا.