لا يمكن تحويلها ولا تبديلها، وأن تحويل أمة مستنيرة ذكية عددها أربعة عشر مليونا من الحياة إلى الموت في بضعة شهور ليس بالأمر السهل الهين، وأن نقل الزعامة من يد إلى يد ليس من الأشياء الخاضعة لقانون الحول والقوة, بل لقانون الانتخاب الطبيعي الذي تخضع له الجمعية البشرية منذ أشرقت عليها شمس الحياة حتى اليوم، وأن توجيه النفس الإنسانية من شعور إلى ضده لا يأتي من طريق القوة والقهر, بل من طريق الحجة والإقناع أو من طريق الاستدراج والاستهواء على الأقل.
ما أشد غروركم بأنفسكم أيها القوم! وما أشد احتقاركم لأمتكم! أما غروركم بأنفسكم فلأنكم ظننتم أنكم بإلقاء بعض الخطب وكتابة بعض الرسائل وتدبير بعض المكائد وإنفاق بعض الأموال تستطيعون تحويل الأمة المصرية بأجمعها من حب سعد إلى بغضه، ومن الثقة به إلى الثقة بغيره، ومن التمسك والتشدد في المطالب الوطنية إلى القناعة والتهاون فيها، ومن سوء الظن بالسياسة الإنجليزية إلى حسن الظن بها، ومن السخط على مشروع ملنر إلى الرضا عنه والاغتباط به، بدون استناد إلى حجة ولا برهان، كأن ما تفضون به إلى الناس آيات منزلة لا يأتيها الباطل من بين