يديها ولا من خلفها، وما طمع صاحب الآيات المنزلة نفسه -جل جلاله- أن يؤمن الناس بآياته ويذعنوا لها دون أن يدعمها بالحجة والبرهان، وأما احتقاركم لأمتكم فهو اعتقادكم أنها أمة بسيطة ساذجة تأتي بها كلمة وتذهب بها كلمة وتعلو بها فكرة وتهبط بها أخرى، وكأنما أنتم تقولون في أنفسكم: إن الروح الوطنية التي تختلج في صدرها إنما هي روح صناعية غرستها الحوادث والظروف, فلم لا تنتزعها الحوادث والظروف، وإن الوحدة الوطنية التي تربط بين أجزائها إنما هي وحدة كاذبة موهومة فلم لا نبددها ونمزق شملها، وإن المنزلة التي نالها سعد باشا فيها إنما نالها بالسفسطة والثرثرة فلم لا نسلط عليها السفسطة والثرثرة لتذهبا بها، وما دام هذا مقدار عقلها وتصورها فمن السهل علينا أن نعدها بأننا نحن الذين سننيلها جميع آمالها ومطالبها لتطمئن إلينا حتى إذا حان وقت الوفاء بوعدنا قدمنا لها القيد الحديدي الذي أعددناه لها, وسميناه خلخالا ذهبيا فتصدق وتغتبط وتستطير فرحا وسرورا.
إن كان هذا هو ما تضمرون في أنفسكم, وما أحسبكم تضمرون غيره, فوالله ما احتقر أحد في العالم هذه الأمة احتقاركم لها ولا رأى شعب من الشعوب فيها حتى الشعب الذي