في ربقة الأسر على الأقل، وأنه لو تم على يدكم إسقاط سعد باشا كما كنتم تريدون لطال حزنكم وبكاؤكم يوم تطلبون غيره ليقوم مقامه, ويملأ فراغه فلا تجدون.
ماذا كان يظن أعضاء بعثتكم بأنفسهم يوم ذهبوا للمفاوضة على الصورة التي ذهبوا عليها، وكيف كانوا يتصورون أن المفاوض الإنجليزي يعطيهم الاستقلال تاما أو ناقصا وقد تقدموا إليه بيد فارغة من كل قوة يستطيع المفاوض أن يعتمد عليها في مقارعة خصمه, واستنزاله على حكمه؟
لا يستطيعون أن يقولوا له: إن الأمة قوية مسلحة تستطيع أن تنتصف لنفسها بنفسها إن لم تنصفوها؛ لأنه يعلم كما يعلمون أنها ضعيفة عزلاء لا تحمل من الأسلحة أكثر من عصي "الساحل" ونبابيت "الحواتكة" ولا أن يقولوا: إنها متحدة يدا واحدة وقد يكون الاتحاد قوة تقوم مقام القوة المادية؛ لأنهم قدموا إليه قبل ذلك الوثائق والمستندات الدالة على أنها منقسمة على نفسها, وأنها فريقان: سعديون وعدليون, يقتتلون في كل مكان يلتقون فيه كما كان يفعل البروتستانت والكاثوليك في أيرلندا والمسلمون والوثنيون في الهند، ولا أن يقولوا له: إنها متشددة في مطالبها الوطنية لا تقبل فيها مساومة ولا مهاونة؛ لأنهم قالوا له وأقسموا على ما قالوا: