إن أكثريتها قد انفضت من حول سعد باشا والتفت من حولهم، أي: إنها قد تحولت من خطة التشدد والتطرف إلى خطة القناعة والاعتدال، ولا أن يقولوا له: إنها راقية متمدينة تستطيع أن تحكم نفسها بنفسها؛ لأنه يعلم كيف حصلوا على عرائض الثقة التي قدموها إليه وماذا صنعوا بأمتهم في سبيلها، فماذا يعنيه من أمرهم بعد ذلك؟
لا رعاكم الله أيها القوم، ولا رعى يوما اتصلنا بكم فيه، فقد أفسدتم علينا كل شأن من شئون حياتنا، وهدمتم بحمقكم وخرقكم وسوء رأيكم في لحظة واحدة ذلك البناء الفخم الجميل الذي قضينا في بنائه ثلاثة أعوام كاملة، ولم تقنعوا منا بذلك حتى جئتم اليوم تمنون علينا بأن بعثتكم قد قطعت المفاوضات, وأن لها ولكم الحق في الافتخار بذلك.
مرحى مرحى! ألم تكن المفاوضات مقطوعة من قبل اليوم على يد سعد باشا! فهل كان غرض البعثة من ذهابها أن تقطعها مرة أخرى حتى إذا تم لها ذلك عادت تفخر بنفسها وتفخرون بها, وتدعون الناس إلى الاحتفال بها عند قدومها!
تريدون أن نحتفل بها لنجدد بذلك عصر الجاهلية الأولى, أيام ضراعة الشعوب وذلها ومهانتها واستخذائها وتقبيلها يد ضاربها حين يضربها وشرب نخب انتصاره عليها؟