تلك عبرة الدهر التي يجب أن يعتبر بها أولادنا وأحفادنا من بعدنا.
فلتقرءوا يا أبناء الأجيال المقبلة هذه الصفحة المجيدة من تاريخ حياتنا؛ لتعلموا أن رجلا واحدا من أبناء أمتكم تمسك بالحق فاستطاع أن يثبت أمام أقوى قوة في العالم، وأن ثباته أنقذ مصر من أعظم نكبة كان يدخرها لها الدهر في طيات تصاريفه، ولتحنوا رءوسكم أمام هذه الذكرى المجيدة إجلالا لها وإعظاما لشأنها، ولتجعلوها مثلكم الأعلى في مستقبل حياتكم، وعبرتكم البليغة التي تغنيكم عن جميع العظات والعبر.
الآن أمنت على مصر أبد الدهر، فما في العالم قوة تستطيع أن تهاجمها أعظم من هذه القوة، وليس في الإمكان أن تحل بساحتها نكبة أهول من هذه النكبة، وما أحسب إلا أن الله تعالى قد أراد أن يبلوها ويختبرها فامتحنها بهذه المحنة الفادحة؛ ليرى كيف يكون صبرها واحتمالها، وقوة يقينها وإيمانها، فيمنحها من حسن الجزاء على قدر ما تبذل من حسن البلاء، وقد أبلت بلاء لم يبله أحد من قبلها، فلتنتظر الجزاء الأوفى، والمثوبة العظمى، ولتهنأ منذ اليوم بالمستقبل الباهر السعيد.