للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطيرون بأجنحة سرورهم وحبورهم في كل جو وافق، لا يخالط نفسهم هم واحد.

ولكن هل أنت على ذلك شقي؟ وهل هم على ذلك سعداء؟

لا, لقد كان لهم أمنية؛ أن تغيب عنهم فيغيب عنهم اسمك وذكرك، وضوضاؤك وجلبتك، ولكن شيئا من ذلك لم يكن، فالنفوس ثائرة، والقلوب واجدة، والهتاف باسمك يملأ الآفاق والأجواء، والدعاء بثأرك يلاحقهم في كل مكان يسيرون فيه، وعيون الحقد والبغضاء تضرب حولهم نطاقا ناريا لا سبيل لهم إلى التفلت منه والخروج من دائرته، فأنت الحر الطليق، وهم الأسراء المسجونون، ولكنهم يتجلدون ويصابرون.

أنت تعيش من فضيلتك وشرفك، ومن رضاك عن نفسك واغتباطك بأداء واجبك، ومن راحة ضميرك واستقراره، وهدوء نفسك وسكونها، في أرحب من رقعة الأرض وأفسح من ديباجة السماء، وهم يعيشون من وخزات ضمائرهم، وقلق نفوسهم، ووساوس صدورهم، وخوفهم على تلك اللقيمات الملفوظات التي هي كل ما ظفروا به من حياتهم أن تهب عليها عاصفة من العواصف, فتطير بها وتطير بهم معها، ومن شبحك الهائل المخيف الذي لا يفارق مضاجعهم، ولا يبرح يقظتهم ومنامهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>