الشقية وتوديعها إلى الأبد سآمة وضجرا، وضيقا وحصرا، ولكن يحول بينهم وبين ذلك علمهم أن الأوان قد فات، وأن الأمة لا تغفر لهم ذنوبهم، ولا تقيل لهم عثراتهم، وأنهم لا يستطيعون أن يجدوا في فضاء الأرض ذات الطول والعرض ظل حصاة يلجئون إليه من نقمة الأمة وغضبها، فلا يجدون لهم بدا من أن يستمروا قابعين وراء تلك الأكمة التي تحميهم وتذود عنهم، وربما كانوا يبكون وراءها دما.
فمثلهم كمثل الفارة من بيت أبيها إلى بيت خليلها، يلحقها الندم، وتضيق بها ساحة العيش، فتود لو رجعت إلى بيتها الأول، ولكنها لا تستطيع.
وكأنهم بحماتهم وقد ملوهم وسئموهم، وضجروا بمكانهم؛ لأنهم ما منحوهم هذه المناصب حبا وإيثارا، أو منة وفضلا، بل ليمهدوا لهم السبيل إلى ذلك الاتفاق الذي يريدونه، ويقوموا لهم بوظيفة تحويل شعور الأمة إلى سياستهم، واقتيادها إلى حظيرتهم، من طريق الكيد والدهاء، لا من طريق القوة والعنف، وقد عجزوا عن ذلك، فلم يبق لهم سبيل إلى البقاء.
وكذلك ينتقم الله لك منهم يا مولاي انتقاما تهتز له أقطار