للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني منزلة الإيمان بالقدر في الإسلام]

الإيمان بالقدر واجبٌ، وهو أحد أركان الإيمان الستَّة، كما أخبر النَّبِي بهذا في حديث جبريل حين سأله عن الإيمان؟ فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» (١).

وقد دلَّت الأدلَّة من الكتاب والسنَّة والإجماع على وجوب الإيمان بالقدر.

فمن الكتاب:

[١] قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩].

قال ابن كثيرٍ : «يَستدِلُّ بهذه الآية الكريمة أئمَّة السنَّة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل برئها» (٢).

[٢] قوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: ٢].

والتقدير هنا: بمعنى التسوية، قال ابن جريرٍ في معنى قوله: ﴿فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾: «يقول: فسوَّى كلَّ خلقٍ وهيَّأه لما يصلح له، فلا خلل ولا تفاوت» (٣).

وعلى هذا فلا تشكل هذه الآية على ما سبق تقريره من أن التقدير سابقٌ للقضاء؛ فيقال: قدَّم في الآية الخلق على التقدير؛ فدلَّ على أن القضاء أسبق.

قال الشيخ ابن عثيمين في الإجابة على هذا الاستشكال: «إما أن نقول: هذا من باب الترتيب الذكريِّ لا المعنويِّ … ، أو نقول: إن التقدير هنا بمعنى


(١) تقدم تخريجه ص (٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٧/ ٤٨٢).
(٣) تفسير الطبري (٩/ ٣٦٤).

<<  <   >  >>