للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القول الثالث: أنه لم يقل بالقدر.]

ويدل على هذا مفهوم قول الأوزاعي المتقدم: «لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين: الحسن ومكحولًا، فكشفنا عن ذلك، فإذا هو باطل» (١).

وقتادة تابعي مشهور وهو داخل في عموم التابعين الذين صرح الأوزاعي ببراءتهم من القدر.

وصرح بذلك أبو داود فقال: «لم يثبت عندنا عن قتادة القول بالقدر، والله أعلم» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «عن قتادة: ﴿قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى: ٣] قال: لا والله ما أكره الله عبدًا على معصية قط ولا على ضلالة ولا رضيها له ولا أمره، ولكن رضي لكم الطاعة فأمركم بها ونهاكم عن معصيته. قلت: قتادة ذكر هذا عند هذه الآية ليبين أن الله قدّر ما قدّره من السعادة والشقاوة كما قال الحسن وقتادة وغيرهما من أئمة المسلمين» (٣).

وقال : «وذكر قتادة أن الله لم يكره أحدًا على معصية، وهذا صحيح؛ فإن أهل السنة المثبتين للقدر متفقون على أن الله لا يكره أحدًا على معصية كما يكره الوالي والقاضي وغيرهما للمخلوق على خلاف مراده، يكرهونه بالعقوبة والوعيد، بل هو سبحانه يخلق إرادة العبد للعمل وقدرته وعمله وهو خالق كل شيء، وهذا الذي قاله قتادة قد يظن فيه أنه من قول القدرية وأنه


(١) الإبانة الكبرى (٤/ ٢١٨).
(٢) فتح الباري (١/ ٤٣٦).
(٣) مجموع الفتاوى (١٦/ ١٤٠).

<<  <   >  >>