للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣] قوله تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٦].

وهذه الإرادة تستلزم الأمر.

قال ابن القيِّم: «والصواب: أن الأمر يستلزم الإرادة الدِّينيَّة ولا يستلزم الإرادة الكونيَّة؛ فإنه لا يأمر إلا بما يريده شرعًا ودينًا، وقد يأمر بما لا يريده كونًا وقدرًا؛ كإيمان مَنْ أمره ولم يوفِّقه للإيمان» (١).

صُوَر اجتماع الإرادتين وافتراقهما:

هاتان الإرادتان قد تجتمعان وقد تفترقان، وقد توجد إحداهما دون الأخرى، ولذلك أربع صورٍ ذكرها شيخ الإسلام ابن تيميَّة :

الصورة الأولى: ما تعلَّقت به الإرادتان، وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة؛ كإيمان أبي بكرٍ وسائر المؤمنين، وحصول الطاعات منهم.

الصورة الثانية: ما تعلَّقت به الإرادة الدِّينيَّة فقط، وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة، فعصى ذلك الأمرَ الكفَّارُ والفجَّارُ؛ كإيمان أبي جهلٍ وسائر الكافرين، وما أراده الله من طاعتهم.

الصورة الثالثة: ما تعلَّقت به الإرادة الكونيَّة فقط، وهو ما قدَّره الله وشاءه من الحوادث التي لم يأمر بها؛ كالمباحات، والمعاصي الواقعة في الناس، ولولا إرادته لها كونًا لما وقعت.

الصورة الرابعة: ما لم تتعلَّق به الإرادتان، وهو ما لم يكن من أنواع المباحات والمعاصي؛ فإن الله لم يأمر بها ولم يردها شرعًا، كما أنه لم يردها كونًا؛ فلم تقع،


(١) شفاء العليل (٢/ ٧٦٨).

<<  <   >  >>