أهل الضلال الخائضون في القدر انقسموا إلى ثلاث فرقٍ: مجوسيَّة، ومشركيَّة، وإبليسيَّة. كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀.
فالمجوسيَّة؛ هم: الذين كذَّبوا بقدر الله، وإن آمنوا بأمره ونهيه؛ فغلاتهم أنكروا العلم والكتابة، ومقتصدوهم أنكروا عموم مشيئته وخلقه وقدرته. وهؤلاء هم المُعتَزِلة، ومَنْ وافقهم، وهؤلاء يجعلون لله شركاء في خلقه؛ فيقولون: خالق الخير غير خالق الشرِّ، ويقولون: إن الذنوب الواقعة ليست واقعةً بمشيئة الله تعالى.
والمشركيَّة؛ هم: الذين أقرُّوا بالقضاء والقدر، وأنكروا الأمر والنهي، قال تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٤٨]؛ فَمَنِ احتجَّ على تعطيل الأمر والنهي بالقدر فهو من هؤلاء. وهذه مقالة الجبريَّة من الجهميَّة وغيرهم ممَّن يدَّعي الحقيقة من المتصوِّفة ومن وافقهم، وهؤلاء يؤول أمرهم إلى تعطيل الشرائع والأمر والنهي مع الاعتراف بالربوبيَّة العامَّة لكلِّ مخلوقٍ.
وأما الإبليسيَّة؛ فهم: الذين أقرُّوا بالأمرين، لكن جعلوا هذا متناقضًا من الربِّ ﷾، وطعنوا في حكمته وعدله، كما يُذكَر ذلك عن إبليس مقدَّمهم كما نقله أهل المقالات، ونُقِل عن أهل الكتاب. وهؤلاء كثيرٌ في أهل الأقوال والأفعال من سفهاء الشعراء ونحوهم من الزنادقة؛ كقول أبي العلاء المعرِّيِّ: