للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتقادهم جبر العبد عليها، وأنها ليست فعله» (١).

وقال : «وقالت غلاة الجبريَّة الذين طووا بساط الأمر والنهي: المعاصي بقضاء الله وقدره، والرضاء بالقضاء قربةٌ وطاعةٌ، فنحن نرضى بها ولا نسخطها» (٢).

القول الثالث: (قول المعتزلة القدريَّة).

قالوا: الرضى بالقضاء مأمورٌ به، فنحن نرضى به. ولكن الكفر والذنوب ليست مقضيَّةً ولا مقدَّرةً من الله، وليست محبوبةً ولا مرضيَّةً له، فلا نرضى بها ولا نحبُّها، بل نسخطها ونبغضها.

وهذا بناءً على أصلهم أن الإرادة والمشيئة مستلزمةٌ للمحبَّة والرضى. قالوا: ونحن نعلم أن الله تعالى لا يحبُّ الكفر والفسوق والعصيان، فلا يشاؤها ولا يقدِّرها، فنحن لا نرضاها ولا نحبُّها.

فذهب القدريَّة إلى إنكار المشيئة والإرادة فيما يقع من الكفر والمعاصي؛ لأن الله لا يحبُّها ولا يرضاها.

قال القاضي عبد الجبَّار: «وأحد ما يدلُّ على أنه تعالى لا يجوز أن يكون مريدًا للمعاصي: هو أنه تعالى لو كان مريدًا لها لوجب أن يكون محبًّا لها وراضيًا بها، لأن المحبَّة والرضى والإرادة من بابٍ واحدٍ، بدلالة أنه لا فرق بين أن يقول القائل: أحببت أو رضيت، وبين أن يقول: أردت؛ حتى لو أثبت أحدهما ونفى الآخر لعُدَّ متناقضًا. فهذا جملة الكلام في ذلك» (٣).


(١) مدارج السالكين (١/ ٢٦٥ - ٢٦٤).
(٢) شفاء العليل (٢/ ٧٦١).
(٣) شرح الأصول الخمسة (ص: ٤٥٣).

<<  <   >  >>