للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني معتقد أهل السنة في استطاعة العبد و أقوال المخالفين فيها، والرد عليهم]

تنازع الناس في استطاعة العبد على أربعة أقوالٍ:

القول الأول: (قول أهل السنَّة).

قالوا: إن الاستطاعة نوعان:

الأولى: (استطاعةٌ متقدِّمة على الفعل)، ومرجعها: إلى الصحَّة، وسلامة الجوارح، وارتفاع الموانع. وهي المصحِّحة للفعل، المجوِّزة له. وهي صالحةٌ للضدَّين الفعل والترك.

ودليلها: قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾

[آل عمران: ٩٧]، وقال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]. ولو كانت هذه الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل لما وجب الحجُّ إلا على مَنْ حجَّ، ولما وجب على أحدٍ من التقوى إلا ما فعل فقط.

وهذه الاستطاعة متعلقةٌ بالأوامر الشرعيَّة الدينيَّة، وهي مناط الأمر والنهي، وبها يحصل الثواب والعقاب، وعليها يتكلَّم الفقهاء، وهي الغالبة في عرف الناس (١).

الثانية: (استطاعةٌ مقارنةٌ للفعل)، ومرجعها إلى التوفيق، وإعانة الله للعبد على الفعل. وهي الموجبة للفعل، المحقِّقة له. وهي لا تصلح لغيره.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٧٣ - ٣٧٢)، والفصل (٣/ ٢٠).

<<  <   >  >>