عن السلف الصالح بالنهي عن الجدال فيه والاستسلام له والإيمان به» (١).
وكلام الأئمَّة في ذلك كثيرٌ، مما يدلُّ على اشتهار ذلك عندهم، واستفاضته فيهم. فعلى المسلم الحريص على دينه أن يسلك طريقهم، ويرضى لنفسه ما ارتضوه لأنفسهم، وأن يسعه ما وسعهم.
ولكن لما كان (الخوض في القدر) لفظًا فيه إجمالٌ، فقد يدَّعي كلُّ متكلِّمٍ في القدر بباطلٍ أن كلامه في ذلك من باب العلم وليس من الخوض المحرَّم في شيءٍ؛ فلا بدَّ من ضبط ذلك ومعرفة الحدِّ الفاصل بين الكلام في القدر بحقٍّ -الذي هو داخل في العلم المرغَّب في طلبه وتحصيله-، وبين الخوض في القدر بالباطل -الواجبِ اجتنابُه والتحذيرُ منه-.
وحدُّ ذلك يحصل بمراعاة الفوارق بين الكلام في القدر بعلمٍ وبين الخوض المحرَّم من عدَّة اعتباراتٍ:
باعتبار النيَّة والقصد من الكلام، وباعتبار المتكلِّم، وباعتبار المتكلَّم فيه، وباعتبار طريقة الكلام.
وبيانها فيما يلي:
أوَّلًا: باعتبار النيَّة الباعثة على الكلام في القدر:
الكلام في القدر: كتابةً وتأليفًا، وإرشادًا وتعليمًا، ودعوةً وتوجيهًا؛ يختلف بحسب النيَّة والمقصد الباعثين عليه. فإن أُرِيد به بيان ما شرعه الله لعباده في باب القدر تحقيقًا لصحَّة الاعتقاد وتمام الانقياد لأمر الله بنوعيه الكونيِّ والشرعيِّ؛ فإنه مشروعٌ ممدوحٌ. والكلام فيه داخلٌ في عموم الكلام في مسائل