التوكل على الله والاستعانة به في تحقيق مطالب الدين والدنيا وزعموا أنهم بأفعالهم يستحقون على الله الأجر والثواب كما يستحق الأجير من المستأجِر (١).
[الرد علي المخالفين]
كلٌّ من الجبرية والقدرية قد ضلوا في هذه المسألة وفرَّقوا بين الشرع والقدر، وخالفوا أمر النبيِّ ﷺ في الجمع بين الإيمان بالقدر والعمل بالشرع. ظنا منهم التعارض بين الشرع والقدر، وبعد اشتراكهم في هذه الشبهة افترقوا في النتيجة:
فالجبريَّة ومَن وافقهم آمنوا بالقدر وزعموا التسليم للقدر وتفويض الأمر لله، وعطَّلوا الشرع وتركوا العمل والأخذ بالأسباب المشروعة في تحقيق المطالب الدينيَّة والدنيويَّة.
والقدريَّة آمنوا بالشرع وأخذوا بالأسباب وبالغوا فيها، وقالوا: إن العبد بفعله للسبب مستقلٌّ بإيجاده وإحداثه، وأنكروا القدر وخلق الله لأفعال العباد. وقصروا في التوكل والاستعانة.
[الشبه المتعلقة بهذه المسألة]
والشبه المتعلقة بهذه المسألة وهي: أن (الإيمان بالقدر لا يسوِّغ الاتِّكال وترك العمل)؛ كثيرة وليست مقتصرة على الجبرية والقدرية، بل اشتبهت هذه المسألة على كثيرٍ من الناس، ومن أبرز الشبه فيها ما يأتي:
الشبهة الأولى: قول مَنْ يقول: إذا كانت الأمور مقدَّرةً فِي القِدَم، وأن أقوامًا خُصُّوا بالسعادة وأقوامًا بالشقاوة، والسعيد لا يشقى والشقيَّ لا يسعد، والأعمال لا تراد لذاتها بل لاجتلاب السعادة ودفع الشقاوة؛ فلا وجه لإتعاب النفس فِي عملٍ ولا نكفُّها عَنْ ملذوذٍ؛ لأن المكتوب فِي القدر واقعٌ لا محالة.