للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذا وهذا في مواضع لا تكاد تُحصى ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها» (١).

القول الثاني: (قول الجهمية والأشاعرة، وطوائف من الفقهاء، وكثيرٍ من الظاهريَّة كابن حزمٍ وأمثاله).

قالوا: الحكمة ترجع إلى علمه بأفعال العباد، وإيقاعها على الوجه الذي أراده، وإن أطلقوا لفظها فلا يعنون به معناها، بل يطلقونها لأجل مجيئها في القرآن، ولم يثبتوا إلا العلم والإرادة والقدرة.

وقالوا: خلق المخلوقات وأمر بالمأمورات لا لعلَّةٍ ولا لداعٍ ولا باعثٍ، بل فعل ذلك لمحض المشيئة وصِرْف الإرادة (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «وكذلك الحكمة؛ أجمع المسلمون على أن الله تعالى موصوفٌ بالحكمة، لكن تنازعوا في تفسير ذلك.

فقالت طائفةٌ: الحكمة ترجع إلى علمه بأفعال العباد، وإيقاعها على الوجه الذي أراده، ولم يثبتوا إلا العلم والإرادة والقدرة … » إلى أن قال بعد ذكر الأقوال في المسألة: «وأصحاب القول الأوَّل كجهم بن صفوان وموافقيه، كالأشعريِّ ومن وافقه من الفقهاء من أصحاب مالكٍ والشافعيِّ وأحمد وغيرهم؛ يقولون: ليس في القرآن لام التعليل في أفعال الله، بل ليس فيه إلا لام العاقبة» (٣).

وقال الإسفرايينيُّ: «إنه حكيمٌ في جميع أفعاله، وحقيقة الحكمة في أفعاله : وقوعها موافقةً لعلمه وإرادته، وهو الحكمة في أفعال الحكماء في الشاهد؛ لأن مَنْ فعل فعلًا لا يقع على موافقة إرادته؛ يُقال: إنه لم


(١) شفاء العليل (٢/ ٥٣٧).
(٢) انظر: مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ١١٥)، مجموع الفتاوى (٨/ ٣٧) (١٦/ ٢٩٧)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٣٢٨).
(٣) منهاج السنة (١/ ١٤١).

<<  <   >  >>