للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها بخلقه، ولم يثبتوا حكمةً تعود إليه، فسلبوه قدرته وحكمته ومحبَّته وغير ذلك من صفات كماله … وأثبتوا حسنًا وقبحًا لا يتضمَّن محبوبًا ولا مكروهًا، وهذا لا حقيقة له، كما أثبتوا تعليلًا لا يعود إلى الفاعل حكمه» (١).

وقال ابن القيِّم : «أهل البدع من المعتزلة والقدريَّة الذين يوجبون على ربِّهم مراعاة الأصلح لكلِّ عبدٍ -وهو الأصلح عندهم وفي ظنهم-، فيشرِّعون له شريعةً بعقولهم، ويحجِّرون عليه ويحرِّمون عليه أن يخرج عنها، ويوجبون عليه القيام بها، وكذلك كانوا من أحمق الناس وأعظمهم تشبيهًا للخالق بالمخلوق في أفعاله، وأعظمهم تعطيلًا له عن صفات كماله، فنزَّهوه عن صفات الكمال وشبَّهوه بخلقه في الأفعال، وأدخلوه تحت الشريعة الموضوعة بآراء الرجال، وسمَّوا ذلك عدلًا وتوحيدًا بالزور والبهتان» (٢).

[بيان الحق في ذلك والرد على المخالفين]

والحق في ذلك هو ما عليه أهل السنة؛ فقد هداهم الله للحقِّ الذي ضلَّت عنه الطائفتان، وسلَّمهم من الضلال الذي حقَّ عليهم.

فأهل السنة يعتقدون أن الحكمة صفته سبحانه، وصفاته ليست غيرًا له

-كما ادَّعت المعتزلة-، فثبوت حكمته لا يستلزم استكماله بغيره (٣).

والحكمة أيضًا ليست مطلق المشيئة -كما زعمت الجهمية والأشاعرة-؛ إذ لو كان كذلك لكان كلُّ مريدٍ حكيمًا (٤).


(١) انظر: منهاج السنة (٣/ ١٧٧).
(٢) شفاء العليل (٢/ ٧٢٩ - ٧٣٠).
(٣) انظر: المصدر السابق (٢/ ٥٧٩).
(٤) انظر: منهاج السنة (١/ ١٤١).

<<  <   >  >>