للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨]؛ فأسند الله عمل الخير والشرِّ إلى العبد؛ فدلَّ على أنه مِنْ كسبه، وأنه سبحانه سيجازيه به.

(ب) قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: ٢٨٦]، فقد أثبت الله تعالى للعبد فعلًا وكسبًا، والكسب هو الذي يعود على فاعله منه نفعٌ أو ضررٌ (١).

(ج) قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٨ - ١٤٩]، فقد أنكر الله تعالى على المشركين احتجاجهم بالقدر على شركهم، وتحريم ما حرَّموا، وقال: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾؛ أي: بهذه الشبهة ضلَّ مَنْ ضل، ووصفهم بأنهم متَّبعون للظنِّ، وأن لله عليهم الحجَّة البالغة؛ فدلَّ على أن هذه الأعمال من الشرك وتحريم ما حرَّموا من أعمالهم ليس لهم أن يحتجُّوا عليها بالقدر (٢).

القول الرابع: قول الأشاعرة ومَن وافقهم.

قالوا: إن أفعال العباد مخلوقةٌ لله -جل وعلا-، وهي مع كونها خلق الله فهي كسبٌ للعبد، وله عليها قدرةٌ غير مؤثرةٍ.

وقول الأشاعرة هنا متناقضٌ غير معقولٍ؛ فإن القدرة إذا لم يكن لها تأثيرٌ أصلًا في الفعل كان وجودها كعدمها، ولم تكن قدرةً، وفي الحقيقة إنه لا يُعقَل


(١) انظر: شرح الطحاوية (ص: ٦٥٢).
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٣٥٨).

<<  <   >  >>