الله إلى نفسك ويخلِّي بينك وبينها، والتوفيق: ألاَّ يكلك الله إلى نفسك» (١).
[مراتب الهداية]
للهداية أربع مراتب دلت عليها الأدلة:
المرتبة الأولى: الهداية العامَّة، وهي هداية كلِّ نفسٍ إلى مصالح معاشها وما يقيمها، وهذه أعمُّ مراتبها، وقد دلَّ عليها قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى: ١ - ٣]؛ فذكر سبحانه أربعة أمورٍ عامَّة: الخلق، والتسوية، والتقدير، والهداية، وجعل التسوية من تمام الخلق، والهداية من تمام التقدير.
قال عطاءٌ ﵀: خلق فسوَّى، أحسن ما خلقه. وشاهده قوله تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: ٧]؛ فإحسان خلقه يتضمَّن تسويته وتناسب خلقه وأجزائه بحيث لم يحصل بينها تفاوتٌ يُخِلُّ بالتناسب والاعتدال؛ فالخلق: الإيجاد، والتسوية: إتقانه وإحسان خلقه.
ومن الأدلَّة أيضًا على هذه المرتبة: قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: ٥٠]؛ فإعطاء الخلق إيجاده في الخارج، والهداية التعليم، والدلالة على سبيل بقائه وما يحفظه ويقيمه.
ومن هذه الهداية: هداية الذَّكَر للأنْثى كيف يأتيها. وبهذا فسَّر ابن عبَّاسٍ والكلبيُّ الآية.
ومن ذلك هداية الجنين للخروج من الرحم عند الولادة، وهدايته لالتقام الثدي بعد الولادة، وهدايته لمعرفته أمَّه دون غيرها، إلى غير ذلك من هداية