للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٤٠].

ولهذا أثنى الله على إبراهيم بعزمه على الفعل والشروع في مقدِّماته بعد تحقُّق المقصود من الأمر والنجاح في الابتلاء، وأما فعل الذبح فنُسِخ مع الفداء بذبحٍ عظيمٍ. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٣ - ١٠٧].

[القول الثاني: (قول المعتزلة)]

غلوا في التحسين والتقبيح العقليَّين، فزعموا أن العقل يدرك حسن الأفعال وقبحها، وأن الحسن والقبح صفتان ذاتيَّتان للفعل لازمةٌ له قبل ورود الشرع، وأن الأمر لا يكون إلا بحسنٍ، والنهي لا يكون إلا عن سيِّئٍ، وأن الشرع إنما هو كاشفٌ عن حسن الفعل الثابت في نفسه لا مثبِتٌ لحسن الفعل. ثم بالغوا، وقالوا: إن العقل يدرك الثواب المترتِّب على حسن الأفعال، والعقاب المترتِّب على سيِّئها في الآخرة (١).

ثم رتَّبوا على ذلك أن الله يعاقب العباد على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسولًا (٢).

وقالوا: ما حسن من المخلوق حسن من الخالق، وما قبح من المخلوق قبح من الخالق. وهم مشبِّهة الأفعال؛ يشبِّهون الخالق بالمخلوق والمخلوق بالخالق في الأفعال (٣).


(١) انظر: الملل والنحل (١/ ٩٨)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٤٣١ - ٤٣٢).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣٥).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣١).

<<  <   >  >>