للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي عبد الجبَّار: «قد ذكرنا أن وجوب المصلحة وقبح المفسدة متقرِّران في العقل، إلا أنا لما لم يمكنا أن نعلم عقلًا أن هذا الفعل مصلحةٌ وذلك مفسدةٌ، بعث الله تعالى إلينا الرسل ليعرفونا ذلك من حال هذه الأفعال، فيكونون قد جاؤوا بتقرير ما قد ركَّبه الله تعالى في عقولنا وتفصيل ما قد تقرَّر فيها» (١)

وقال أيضًا في (كتاب المحيط): «واعلم أن النهي الوارد عن الله ﷿ يكشف عن قُبْح القبيح، لا أنه يوجِب قُبْحَه، وكذلك الأمر يكشف عن حسنه، لا أنه يوجِبه» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «وطائفةٌ تقول: بل الأفعال متَّصفةٌ بصفاتٍ حسنةٍ وسيِّئةٍ، وأن ذلك قد يُعلَم بالعقل، ويُستحَقُّ العقاب بالعقل وإن لم يرد سمعٌ، كما يقول ذلك المعتزلة ومَن وافقهم من أصحاب أبي حنيفة وغيرهم» (٣).

وقال ابن القيِّم: «والمعتزلة تقول: قُبْحها -أي: الأعمال- والعقاب عليها ثابتان بالعقل» (٤).

الرد عليهم:

مذهب المعتزلة هذا مخالفٌ للكتاب والسنَّة وما عليه سلف الأمَّة من وجوهٍ كثيرةٍ، منها:

١ - مبالغتهم في العقل، حيث جعلوه مستقلًّا بمعرفة الحسن والقبح في


(١) شرح الأصول الخمسة (ص: ٥٥٤).
(٢) المحيط بالتكليف (ص: ٢٤٥).
(٣) درء التعارض (٨/ ٤٩٢).
(٤) مدارج السالكين (١/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>