للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلِّ شيءٍ. وهذا غير صحيحٍ بهذا الإطلاق؛ فإن من تفاصيل الشرع المتضمِّنة للحكمة والمصلحة ما لا تدركه العقول؛ ولذا قال عمر : «اتَّهموا الرأي على الدين» (١).

وقال عليٌّ : «لو كان دين الله بالرأي لكان باطن الخفِّ أحقَّ بالمسح من أعلاه» (٢).

وقال الإمام أحمد : «وليس في السنَّة قياسٌ، ولا تُضرَب لها الأمثال، ولا تُدرَك بالعقول ولا الأهواء» (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة -معلِّقًا على قول الإمام أحمد-: «هذا قوله وقول سائر أئمَّة المسلمين؛ فإنهم متَّفقون على أن ما جاء به الرسول لا تدركه كلُّ الناس بعقولهم، ولو أدركوه بعقولهم لاستغنوا عن الرسول» (٤).

٢ - زعمهم أن الشرع إنما هو كاشفٌ عن حسن الفعل الثابت في نفسه لا مثبِتٌ لحسن الفعل.

وهذا غير صحيحٌ، وبطلانه من وجهين:

الأوَّل: أن الشرع قد يأمر بما لا يُعرَف حسنه إلا بالشرع، وينهى عما لا يُعرَف قبحه إلا بالشرع، فيكتسب الفعل حينئذٍ صفة الحسن والقبح بالشرع.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «إن الشارع إذا أمر بشيءٍ صار حسنًا، وإذا نهى عن شيءٍ صار قبيحًا، واكتسب الفعل صفة الحسن والقبح بخطاب الشارع» (٥).


(١) أخرجه اللالكائي (١/ ١٤٢).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ٤٣٦).
(٣) أصول السنة لأحمد بن حنبل (ص: ١٦).
(٤) درء التعارض (٥/ ٢٩٧).
(٥) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣٥).

<<  <   >  >>