للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن الله لو فعل لهم الأصلح لآمن الناس به جميعًا وأطاعوه ولم يعصوه. وقد وجدنا من الناس الكافر والعاصي، فدلَّ على أنه لا يجب على الله.

القول الثالث: (قول الجهميَّة، والأشاعرة).

قالوا: لا يجب على الله فعل الصلاح ولا الأصلح، وأن ذلك ليس بواجبٍ عليه، وليس بلازمٍ وقوعه منه. بل قالوا: إنه لا يفعل لمصلحةٍ ما، وأنكروا أن يكون الله يفعل لجلب منفعةٍ لعباده أو دفع مضرَّةٍ. بل يقولون: إنه لا يفعل شيئًا لأجل شيءٍ ولا بشيءٍ، ولا يثبتون له حكمةً ولا رحمةً في أفعاله، بل عندهم يفعل بمشيئةٍ محضةٍ (١).

قال الشهرستانيُّ في سياق ذكر مقالات الأشعريِّ: «ولا يجب على الله تعالى شيءٌ ما بالعقل، لا الصلاح، ولا الأصلح، ولا اللطف، وكلُّ ما يقتضيه العقل من جهة الحكمة الموجبة، فيقتضي نقيضه من وجهٍ آخر» (٢).

وقال الغزاليُّ: «وأنه لا يجب رعاية الأصلح لهم، وأنه لا يجب عليه ثواب الطاعة وعقاب المعصية» (٣).

وقال الإسفرايينيُّ: «وقد بيَّنَّا نحن أن الوجوب على الله تعالى محالٌ، وكلُّ عاقلٍ يعلم أن الكافر لا صلاح له في كفره ولا ما يحلُّ به من تبعات فعله» (٤).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة -بعد حكايته لقول المعتزلة في مسألة الصلاح والأصلح-: «والقدريَّة المجبرة الجهميَّة لا يثبتون له حكمةً ولا رحمةً، بل


(١) منهاج السنة (١/ ٤٦٤) (٦/ ٣٩٧)، وأصول الدين للغزنوي (ص: ١٧٢).
(٢) الملل والنحل (١/ ١٠٢).
(٣) الاقتصاد في الاعتقاد (ص: ٨٩).
(٤) التبصير في الدين (ص: ٧٢).

<<  <   >  >>