المبحث الأوَّل معتقد أهل السنة في الأسباب، وأقوال المخالفين فيها، والرد عليهم
اختلف الناس في هذه المسألة على أربعة أقوالٍ:
القول الأول:(قول أهل السنَّة).
يثبتون الأسباب، ويقولون: إن قدرة العبد مع فعله لها تأثيرٌ كتأثير سائر الأسباب في مسبَّباتها، وليس لها تأثير الخلق والإبداع، والله تعالى خلق الأسباب والمسبَّبات. والأسباب ليست مستقلَّةً بالمسبَّبات؛ بل لا بدَّ لها من أسبابٍ تصحِّحها وأخرى تمانعها، والمُسَبَّبُ لا يكون حتى يخلق الله جميع أسبابه ويدفع عنه جميع أضداده المعارضة له، والله هو المتفرِّد بخلقها وإيجادها أو إعدامها (١).
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ﵀: «الذي عليه السلف وأتباعهم وأئمَّة أهل السنَّة وجمهور أهل الإسلام المثبتون للقدر المخالفون للمعتزلة: إثبات الأسباب، وأن قدرة العبد مع فعله لها تأثيرٌ كتأثير سائر الأسباب في مسبَّباتها؛ والله تعالى خلق الأسباب والمسبَّبات. والأسباب ليست مستقلَّةً بالمسبَّبات؛ بل لا بدَّ لها من أسبابٍ أخر تعاونها، ولها مع ذلك أضدادٌ تمانعها، والمسبَّب لا يكون حتى يخلق الله جميع أسبابه ويدفع عنه أضداده المعارضة له، وهو سبحانه يخلق جميع ذلك بمشيئته وقدرته، كما يخلق سائر المخلوقات. فقدرة العبد سببٌ من الأسباب، وفعل العبد لا يكون بها وحدها، بل لا بدَّ من