للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الربوبية، وفي تعطيل الله عن أسمائه وصفاته وأفعاله، ونسبة ذلك لغيره من الطبائع والأفلاك والتوجه إليها بالعبادة والطلب.

وكل الأدلة الشرعية في تقرير أنواع التوحيد متضمنة الرد عليهم وإبطال معتقدهم، بل الفطرة والعقل والآيات الكونية شاهدة بتفرد الله بالخلق وتدبير شؤون المخلوقات، ولولا ذلك لفسد نظام العالم كما قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٢].

[القول الرابع: (قول المعتزلة).]

غلوا في الأسباب من أفعال الحيوان وقالوا: إن كل ما تولد عن فعل العبد فهو فعله لا يضاف إلى غيره كالشبع والري وزهوق الروح ونحو ذلك، وقالوا: إن العبد بفعله للسبب مستقلٌّ بإيجاده وإحداثه، ولذا أنكروا خلق الله لأفعال العباد ولم يقولوا بذلك في سائر القوى والطبائع، بل يقرون بخلق الله لها وإيجادها خلافًا للفلاسفة (١).

قال أبو الحسن الأشعريُّ: «اختلفوا في السبب؛ هل هو موجِبٌ للمسبَّب أم لا؟ على مقالتين:

فقال أكثر المعتزلة المثبتين للتولُّد: الأسباب موجِبة لمسبَّباتها.

وقال الجُبَّائيُّ: السبب لا يجوز أن يكون موجِبًا للمسبَّب، وليس الموجِب للشيء إلا مَنْ فعله وأوجده» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ثم القدريَّة من هؤلاء يثبتون التأثير لأفعال


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١٧/ ٥٣١)، ولوامع الأنوار البهية (٢/ ٧٢)
(٢) مقالات الإسلاميين (٢/ ٣٠٤).

<<  <   >  >>