للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحيوان، ولا يثبتون تأثيرًا لغير ذلك» (١).

وقال : «ولهذا أضاف مَنْ أضاف من القدريَّة المعتزلة وغيرهم الغلاء والرخص إلى بعض الناس، وبنوا على ذلك أصولًا فاسدةً: أحدها: أن أفعال العباد ليست مخلوقةً لله تعالى.

والثاني: أن ما يكون فعلُ العبد سببًا له يكون العبد هو الذي أحدثه.

والثالث: أن الغلاء والرخص إنما يكون بهذا السبب.

وهذه الأصول باطلةٌ؛ فإنه قد ثبت أن الله خالق كلِّ شيءٍ من أفعال العباد وغيرها؛ ودلَّت على ذلك الدلائل الكثيرة السمعيَّة والعقليَّة، وهذا متَّفقٌ عليه بين سلف الأمَّة وأئمَّتها» (٢).

الرد عليهم:

قول المعتزلة في المبالغة في الأسباب من أفعال الحيوان وتأثيرها باطل، وقد ضلُّوا في زعمهم أن العبد مستقلٌّ بفعله، وأن الله لم يخلق أفعال العباد، وإن كان قولهم دون قول الفلاسفة في الضلال.

ومقالة هؤلاء المغالين في الأسباب من الفلاسفة والمعتزلة هي مقابل مقالة الجهميَّة الجبريَّة، فكما عطَّل أولئك الأسباب وأبطلوا تأثيرها بالكلِّيَّة؛ غلا هؤلاء في إثبات الأسباب، وبالغوا في إثبات تأثيرها حتى زعموا أنها مستقلَّةٌ بالإيجاد على تفاوت بينهم في ذلك كما تقدم.

والصحيح أن هذه الأسباب ليست مؤثِّرةً بنفسها، بل بقدرة الله وتقديره ومشيئته. وقد ثبت أن النبيَّ كان يقول في دبر كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ: «لا إله إلا


(١) الاستغاثة في الرد على البكري (ص: ٢١٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٥٢٠ - ٥٢١).

<<  <   >  >>