للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ» (١).

فدلَّ الحديث على تفرُّد الخالق بالعطاء والمنع، مع أن الناس موصوفون بالمنع والعطاء، كما جاء في الحديث عن النبيِّ : «مَنْ أعطى لله تعالى، ومنع لله تعالى، وأحبَّ لله تعالى، وأبغض لله تعالى، وأنكح لله تعالى؛ فقد استكمل إيمانه» (٢).

فالناس يُضاف إليهم المنع والعطاء باعتبار الفعل وبذل السبب، ولا يكون هذا العطاء والمنع ماضيين إلا بإذن الله ومشيئته، وهذا في معنى قول النبيِّ في وصيَّته لابن عبَّاسٍ: «واعلم أن الأمَّة لو اجتمعوا على أن ينفعوك؛ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك؛ لم يضرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك» (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في الردِّ عليهم: «فليس في الدنيا والآخرة شيءٌ إلا بسببٍ، والله خالق الأسباب والمسبَّبات، ولهذا قال بعضهم: (الالتفات إلى الأسباب؛ شركٌ في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابًا؛ نقصٌ في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلِّيَّة؛ قدحٌ في الشرع).

ومجرَّد الأسباب لا يوجِب حصول المسبَّب؛ فإن المطر إذا نزل، وبُذِر الحبُّ؛ لم يكن ذلك كافيًا في حصول النبات، بل لا بدَّ من ريحٍ مربِّيةٍ بإذن الله،


(١) أخرجه البخاري (٨٤٤)، ومسلم (٥٩٣).
(٢) أخرجه أحمد (٢٤/ ٣٨٣) ح (١٥٦١٧)، والحاكم (٢/ ١٧٨) ح (٢٦٩٤). وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٤١٠) ح (٢٦٦٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢/ ١٣١٨).

<<  <   >  >>