للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجدَّ والاجتهاد والحرص على العمل الصالح» (١).

[أقوال المخالفين]

وقد خالف أهل البدع في هذه المسألة على قولين:

القول الأوَّل: (قول الجبريَّة من الجهميَّة والأشعريَّة، وطائفةٌ من الصوفيَّة والفقهاء). آمنوا بالقدر، وظنُّوا أن ذلك كافٍ في حصول المقصود، فأعرضوا عن الأسباب الشرعيَّة والأعمال الصالحة بناءً على قولهم في إنكار الأسباب بالكلِّيَّة (٢).

وهؤلاء يشهدون قدر الله وقضاءه، ولا يشهدون أمره ونهيه، ويشهدون قيام المخلوقات به وفقرها إليه، ولا يشهدون ما أمر به وأحبه وما نهى عنه وسخطه. ويحققون الاستعانة بالله والتوكل عليه، وإظهار الفقر، والخضوع لقضائه وقدره، مع التقصير في عبادته وطاعتة وامتثال دينه وشرعه (٣).

القول الثاني: (قول القدريَّة).

آمنوا بالشرع وعظموا الأمر والنهي وبالغوا في قدرة العبد متكلين على حولهم وقوتهم وعملهم وزعموا: أن العبد بفعله للسبب مستقلٌّ بإيجاده وإحداثه. ولذا أنكروا خلق الله لأفعال العباد، وأنكروا هداية الله لعباده هداية التوفيق، بل زعموا أن الله ليس في مقدوره من الألطاف، والإعانة للعبد غير مافعل، من خلق الآلات وسلامتها، وتعريف الطريق، وإرسال الرسل، وتمكينه من الفعل، فلم يبق بعد هذا إعانة مقدورة يسأله العبد إياها، ولهذا قصّروا في


(١) أعلام السنة المنشورة (ص: ٨٥).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٧١) (٩/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، وشفاء العليل (٢/ ٤٥٩).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ١٠ - ١١)، ومدارج السالكين (١/ ١٠٣ - ١٠٤)

<<  <   >  >>