وللإيمان بالقدر وتحقيقه آثاره العظيمة على عقيدة المسلم وسلوكه، ومن ثمراته المباركة رضى العبد عن ربه وحسن ظنه به، كما أن للتقصير في تحقيقه أو الانحراف في فهمه آثاره الخطيرة على دِين المسلم واعتقاده في ربه.
وإذا كان الخلق يتقلبون في أقدارٍ ما تعاقب فيهم الليل والنهار مما يحبون ويطلبون، ومما يكرهون ويحذرون، وقَدَرُ الله فيهم ماضٍ وأمره فيهم نافذٌ حكمةً منه وعدلًا، كما قال سبحانه: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥]؛ فإن الحاجة للتعريف بالقدر مُلِحَّةٌ، والتذكير به ينبغي أن يكون متجدِّدًا بتجدُّد الأقدار وتغيُّر الأحوال.
وقد كنت ألفت كتاب (المختصر في عقيدة أهل السُّنَّة في القدر) على وجه الاختصار، وكان الباعث على ذلك تدريسي لمادَّة (الإيمان القدر) لطلَّاب (السنة الثانية) في بعض كلِّيَّات الجامعة الإسلاميَّة -بحسب النظام السابق-.
وكان بدء تأليفه في سنة (١٤٢٤ هـ) مع فقرات منهج (توحيد الأسماء والصفات) التي كان تُدرَّس إلى جانب (مسائل القدر) في (السنة الثانية)،
إلا أن هذه الكتابة بقيت على هيئة مذكِّرةٍ بأيدي الطلَّاب إلى أن تمَّت طباعة
ما يتعلَّق بمسائل القدر بعد ذلك بسنواتٍ بعنوان (المختصر في عقيدة أهل السنة في القدر). وقد اقتصرت فيما دوَّنته فيه من مسائل على فقرات المنهج الدراسي المعتمد آنذاك لتدريسِ (مسائل القدر) لطلَّاب (السنة الثانية).
وقد طُبع الكتاب عدَّة طبعاتٍ، وانتفع به الطلاب في دراسة هذه المادَّة بحمد الله، خاصَّةً بعد اعتماده مرجعًا للطلاب في دراسة مادة (الإيمان بالقدر) في أكثر من مستوى في كلِّيَّات الجامعة من قبل بعض أصحاب الفضيلة الذين تولوا تدريس هذه المادة وتوجيههم الطلاب للاستفادة منه.
ثم لما وضع المنهج الجديد (لمادة القدر) في مرحلة الماجستير بقسم العقيدة،