للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإرادة الجازمة مع القدرة. وإذا أُرِيد بالقدرة القوَّة القائمة بالإنسان؛ فلا بدَّ من إزالة الموانع كإزالة القيد والحبس ونحو ذلك، والصادِّ عن السبيل كالعدوِّ وغيره» (١).

وقال : «يُقال: هل قدرة العبد المخلوقة مؤثِّرةٌ في وجود فعله؟ .. فنقول: التأثير اسم مشتركٌ، قد يُراد بالتأثير الانفراد بالابتداع والتوحُّد بالاختراع. فإن أُرِيد بتأثير قدرة العبد هذه القدرة؛ فحاشا لله، لم يقله سنِّيٌّ، وإنما هو المعزوُّ إلى أهل الضلال.

وإن أُرِيد بالتأثير نوع معاونةٍ -إما في صفةٍ من صفات الفعل، أو في وجهٍ من وجوهه، كما قاله كثيرٌ من متكلِّمي أهل الإثبات-؛ فهو أيضًا باطلٌ بما به بطل التأثير في ذات الفعل؛ إذ لا فرق بين إضافة الانفراد بالتأثير إلى غير الله سبحانه في ذرَّةٍ أو فيلٍ، وهل هو إلا شركٌ دون شركٍ؟ وإن كان قائل هذه المقالة ما نحا إلا نحو الحقِّ. وإن أُرِيد بالتأثير أن خروج الفعل من العدم إلى الوجود كان بتوسُّط القدرة المحدَثة، بمعنى أن القدرة المخلوقة هي سببٌ وواسطةٌ في خلق الله الفعلَ بهذه القدرة، كما خلق النبات بالماء، وكما خلق الغيث بالسحاب، وكما خلق جميع المسبَّبات والمخلوقات بوسائط وأسبابٍ؛ فهذا حقٌّ» (٢).

وقال : «فينبغي أن يُعرَف في الأسباب ثلاثة أمورٍ:

أحدها: أن السبب المعيَّن لا يستقلُّ بالمطلوب، بل لا بدَّ معه من أسبابٍ أخر، ومع هذا فلها موانع.


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٨٧ - ٤٨٨)، وانظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٧٠).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٣٨٩).

<<  <   >  >>