للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول بعض السفهاء الزنادقة: يخلق نجومًا ويخلق بينها أقمارًا، يقول: يا قوم، غضُّوا عنهم الأبصار، ترمي النسوان، وتزعق معشر الحُضَّار، أطفوا الحريق، وبيدك قد رميت النار. ونحو ذلك، مما يوجِب كفر صاحبه وقتله (١).

الردُّ عليهم:

«الضلال في القدر حصل تارةً بالتكذيب بالقدر والخلق، وتارةً بالتكذيب بالشرع والوعيد، وتارةً بتظليم الربِّ.

وفي سورة (الشمس) ردٌّ على هذه الطوائف، فقوله تعالى: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: ٨] إثباتٌ للقدر بقوله: ﴿فَأَلْهَمَهَا﴾، وإثبات لفعل العبد بإضافة الفجور والتقوى إلى نفسه ليعلم أنها هي الفاجرة والمتَّقية، وإثباتٌ للتفريق بين الحسن والقبيح، والأمر والنهي بقوله: ﴿فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾.

وقوله بعد ذلك: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: ٩ - ١٠] إثباتٌ لفعل العبد، والوعد والوعيد بفلاح مَنْ زكَّى نفسه، وخيبة مَنْ دَسَّاها.

وهذا صريحٌ في الردِّ على القدريَّة المجوسيَّة، وعلى الجبريَّة للشرع أو لفعل العبد، وهم المكذِّبون بالحقِّ.

وأما الْمُظَلِّمُون للخالق؛ فإنه قد دلَّ على عدله بقوله: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ [الشمس: ٧]، والتسوية: التعديل؛ فبين أنه عادلٌ في تسوية النفس التي ألهمها فجورها وتقواها» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «وقد تبيَّن أن القدريَّة الخائضين بالباطل إما أن يكونوا مكذِّبين لما أخبر به الربُّ من خلقه وأمره، وإما أن يكونوا مُظَلِّمِين


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ١١١)، و (٨/ ٢٥٦ - ٢٦٠).
(٢) مجموع الفتاوى (١٦/ ٢٤٣ - ٢٤٤)، وانظر: شرح الطحاوية (ص: ٦٤٤).

<<  <   >  >>