للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهبًا، فأنفقه؛ ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر» (١).

وقيل: إن أول من أحدث الكلام في القدر رجلٌ نصرانيٌّ يسمَّى (سنسويه) أو (سوسن).

قال ابن عونٍ: «أدركت الناس وما يتكلَّمون إلا في عليٍّ وعثمان، حتى نشأ ها هنا حقيرٌ، يُقال له: سنسويه البقَّال» قال: «فكان أوَّل من تكلَّم في القدر» (٢).

والذي يظهر أن (سنسويه) -أو (سوسن) - هو أوَّل من أحدث مقالة القدر، ثم تلقَّاها عنه معبد الجهنيُّ، فأظهرها فاشتهرت عنه، ثم تلقَّاها عن معبدٍ غيلان الدمشقيُّ.

على ما أخرج الآجريُّ وغيره، عن الإمام الأوزاعيِّ، أنه قال: «أوَّل من نطق بالقدر: رجلٌ من أهل العراق، يُقال له: سوسن، وكان نصرانيًّا فأسلم، ثم تنصَّر، فأخذ عنه معبد الجهنيُّ، وأخذ غيلان عن معبدٍ» (٣).

وروى الفريابيُّ بإسنادٍ صحيحٍ عن ابن عونٍ، أنه التقى بأبي نعامة العدويِّ، وكان أكبر من ابن عونٍ، فقال له ابن عونٍ: يا أبا نعامة، متى تكلَّم الناس في القدر؟ قال: «إنما تكلَّموا فيه حيث تكلم سنسويه، وتابعه معبد الجهنيُّ» (٤).

كما روى الفريابيُّ أيضًا عن ابن عونٍ أنه قال: «أمران أدركت الناس وليس فيهم منها شيءٌ: كلام هذه المعتزلة، والقدريَّة، وكان أوَّل من تكلَّم في القدر سنسويه بن يونس الأسواريُّ، وكان حقيرًا صغير الشأن، ثم تكلَّم معبدٌ، وتكلَّم


(١) أخرجه مسلم ح (٨).
(٢) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٤/ ٨٢٦).
(٣) أخرجه الآجري (٢/ ٩٥٩)، وابن بطة (٤/ ٢٩٨)، واللالكائي (٤/ ٨٢٧).
(٤) أخرجه الفريابي (ص: ٢٠٥). وقال المحقق: «إسناده صحيح».

<<  <   >  >>