للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن رجبٍ في شرحه: «مَنْ حفظ حدود الله، وراعى حقوقه؛ حفظه الله؛ فإن الجزاء من جنس العمل» (١).

وقال: «وحفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان: حفظه له في مصالح دنياه؛ كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله. والثانِي: حفظه له في دِينه وإيمانه؛ فيحفظه في حياته من الشبهات المضلَّة، ومن الشهوات المحرَّمة» (٢).

والمقصود: أن العبد مُتسبِّبٌ ومستجلِبٌ لما يقدِّره الله له وما يصيبه من خيرٍ وشرٍّ.

ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيميَّة في سياق تقرير مذهب السلف في الأفعال الناتجة عن أسباب أفعال المخلوقين أن للمخلوق فيها عملًا وإن لم يكن مباشرًا لفعلها، قال : «فتبيَّن أن ما يحدث من الآثار عن أفعال العباد لهم بها عملٌ؛ لأن أفعالهم كانت سببًا فيها» (٣).

وبهذا يظهر أن القول: بأن العبد مُسَيَّرٌ أو مجبورٌ على ذلك -مع كونه لم يرد في الشرع بهذا اللفظ-؛ فإن إطلاقه من جهة المعنَى محلُّ نظرٍ؛ لكون العبد متسبِّبًا بأفعاله المتعلِّقة بمشيئته في ذلك.

وعلى هذا؛ فالسلامة في هذا الباب -إن شاء الله- هو العدول عن الألفاظ المجملة إلى الألفاظ الشرعيَّة، وذلك بأن يُقال: (للعبد مشيئةٌ وإرادةٌ على أفعاله، ولكن مشيئته لا تكون نافذةً إلا بمشيئة الله تعالى). والله تعالى أعلم.


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٣٦٤).
(٢) انظر: جامع العلوم والحكم (١/ ٣٦٤ - ٣٦٦).
(٣) مجموع الفتاوى (٨/ ٥٢٢).

<<  <   >  >>