للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ساق جملة من الأثار عن الحسن البصري في إثبات القدر.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولهذا اتهم بمذهب القدر غير واحد ولم يكونوا قدرية، بل كانوا لا يقبلون الاحتجاج على المعاصي بالقدر … وقد قيل إنه بهذا السبب نسب إلى الحسن القدر، لكونه كان شديد الإنكار للمعاصي ناهيًا عنها، ولذلك نجد الواحد من هؤلاء ينكر على من ينكر المنكر، ويقول: هؤلاء قدر عليهم ما فعلوه، فيقال لهذا: وإنكار هذا المنكر أيضًا بقدر الله، فنقضت قولك بقولك» (١).

وقال الذهبي: «وقد بدت منه هفوة في القدر لم يقصدها لذاتها، فتكلموا فيه، فما التفت إلى كلامهم، لأنه لما حوقق (٢) عليها تبرأ منها» (٣).

وقال صفي الدين الخزرجي في ترجمته للحسن: «أحد أئمة الهدى والسنة، رُمي بالقدر، ولا يصح» (٤).

وهذا القول هو الراجح بل الصواب المؤكد من الأقوال -إن شاء الله-.

وترجيحه من عدة وجوه:

الأول: أنه قول أصحاب الحسن وأعرف الناس بأقواله، وقد أكد هذا ثلاثة من كبار أصحاب الحسن مصرحين أن الحسن فسر لهم القرآن كله على إثبات القدر، وليس بعد هذا شيء في قوة الدلالة على براءة الحسن من القول


(١) منهاج السنة (٣/ ٢٤).
(٢) أي: طلب منه بيان وجه الحق على قوله و المحاقة. مفاعلة من ذلك وحاققت الرجل: ادعيت أنك أولى بالحق منه. انظر: جمهرة اللغة لابن دريد (١/ ١٠٠) والمحيط في اللغة لابن العباد (١/ ١٥١).
(٣) ميزان الاعتدال (١/ ٥٢٧).
(٤) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص: ٧٧).

<<  <   >  >>