للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول له شيئًا، وإن مرض، عاده، فكانوا يتهمونه بالقدر لهذا كما ذكره الواقدي وعلق على ذلك الذهبي بقوله: «كان حقه أن يَكفهِرَّ في وجوههم، ولعله كان حسن الظن بالناس».

الثاني: أنه قدم إليه بعض القدرية بعد ضربهم ونفيهم زمن الخليفة المهدي واعتصموا به من العقوبة وجلسوا إليه، فنسب إليهم على ما تقدم من قول عن الزبيري.

وبهذا يظهر براءة الأئمة الأربعة من القول بالقدر، وأن نسبتهم للقول بالقدر ترجع لعدة أسباب: منها: ما هو عام في نسبة عدد كبير من الأئمة للقول بالقدر، وهو ما ذكره الإمام أحمد في قوله: «الناس كل من شدد عليهم المعاصي؛ قالوا هذا قدري» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولهذا اتهم بمذهب القدر غير واحد ولم يكونوا قدرية، بل كانوا لا يقبلون الاحتجاج على المعاصي بالقدر» (٢).

ومنها أسباب خاصة على ما سبق بيانه وتفصيله.

ولعل الله أن ييسر لهذا الأمر من الباحثين من يتولى دراسة ما نسب للعلماء من مقالات أهل البدع، كرمي بعضهم (بالقدر) أو (التشيع) أو (الإرجاء)، وكشف حقيقة تلك التهمة من منطلق شرعي يتسم بالتجرد ويتوخى العدل، ويهدف لمعرفة حقيقة تلك النسبة من عدمها؛ إحقاقا للحق ونصحًا للخلق وحفظا للشريعة وصيانة للسنة وذبا عن أعراض من برئ من تلك البدع من الأئمة.


(١) منهاج السنة (٣/ ٢٤).
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>