للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الملك: ١٣ - ١٤]، يعنِي: السرَّ والجهر من القول، ففعل الله صفة الله، والمفعول غيره من الخلق» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «وأما مَنْ قال: خلق الربِّ تعالى لمخلوقاته ليس هو نفس مخلوقاته؛ قال: إن أفعال العباد مخلوقةٌ كسائر المخلوقات، ومفعولةٌ للرب كسائر المفعولات، ولم يقل: إنها نفس فعل الربِّ وخلقه، بل قال: إنها نفس فعل العبد، وعلى هذا تزول الشبهة؛ فإنه يُقال: الكذب والظلم ونحو ذلك من القبائح يتَّصف بها مَنْ كانت فعلًا له كما يفعلها العبد وتقوم به، ولا يتَّصف بها مَنْ كانت مخلوقةً له إذا كان قد جعلها صفةً لغيره؛ كما أنه سبحانه لا يتَّصف بما خلقه في غيره من الطعوم والألوان والروائح والأشكال والمقادير والحركات وغير ذلك» (٢).

وقال : «وأما جمهور الخلق من أهل السنَّة وغيرهم؛ فيقولون: إن الخلق غير المخلوق، وفعل الله القائم به ليس هو مفعوله المنفصل عنه، ويقولون: أفعال العباد مخلوقةٌ لله مفعولةٌ له، لا أنها نفس خلقه ونفس فعله، وهي نفس فعل العبد، فهي فعل العبد حقيقةً لا مجازًا» (٣).

وقال الإمام ابن القيِّم: «ويؤمنون بأن مَنْ يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأنه هو الذي يجعل المسلم مسلمًا، والكافر كافرًا، والمصلِّي مصلِّيًا، والمتحرِّك متحرِّكًا … وهم متَّفقون على أن الفعل غير المفعول … ، فحركاتهم واعتقادهم أفعالٌ لهم حقيقةً، وهي مفعولةٌ لله سبحانه مخلوقةٌ له


(١) خلق أفعال العباد (ص: ١١٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ١٢٣).
(٣) الصفدية (١/ ١٥٣). وانظر: منهاج السّنة (١/ ٤٥٩ - ٤٦٠) و (٢/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>