للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو لعظيم رحمته وإحسانه كتب على نفسه الرحمة، ونصر المؤمنين، وأن الغلبة له ولرسله وجنده، وهو لا يخلف وعده، وكلُّ ذلك متحقِّقٌ لا محالة، قال تعالى: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ١٢]، وقال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم: ٤٧]، وقال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٢١].

وله سبحانه الحمد والفضل والمنَّة بما أوجب على نفسه، وله الثناء الحسن والشكر بما وفَّى من وعده. وهذا بخلاف حقِّه على العباد؛ فهو متعيِّنٌ عليهم، ويترتَّب على تركه الذمُّ والعقاب، فإن عذبهم على تقصيرهم فيه فبعدله وحكمته، وإن عفا عنهم فيه فبفضله وإحسانه، قال تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [القصص: ٧٠].

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة : «وذهب جمهور العلماء إلى أنه إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم، وأن فعل المأمور به مصلحةٌ عامَّةٌ لمن فعله، وأن إرساله الرسل مصلحةٌ عامَّةٌ، وإن كان فيه ضررٌ على بعض الناس» (١).

وقال : «وأما الإيجاب عليه والتحريم بالقياس على خلقه؛ فهذا قول القدريَّة، وهو قولٌ مبتدَعٌ مخالفٌ لصحيح المنقول وصريح المعقول. وأهل السنَّة متَّفقون على أنه سبحانه خالق كلِّ شيءٍ وربُّه ومليكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئًا؛ ولهذا كان من قال من أهل السنَّة بالوجوب؛ قال: إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرَّم الظلم على نفسه،


(١) منهاج السنة (١/ ٤٦٢).

<<  <   >  >>