للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل البغداديُّ عن النظَّام أنه يقول: «إن الله ﷿ لا يقدر أن يفعل بعباده خلاف ما فيه صلاحهم، ولا يقدر على أن ينقص من نعيم أهل الجنَّة ذرَّةً؛ لأن نعيمهم صلاحٌ لهم، والنقصان مما فيه الصلاح ظلمٌ عنده، ولا يقدر أن يزيد في عذاب أهل النار ذرَّةً، ولا على أن ينقص من عذابهم شيئًا … ثم زاد على هذا بأن قال: إن الله تعالى لا يقدر على أن يُعمي بصيرًا أو يُزمِن صحيحًا أو يُفقِر غنيًّا إذا عَلِمَ أن البصر والصحَّة والغنى أصلح لهم» (١).

وقال ابن حزمٍ: «ومن العجب اتِّفاق النظَّام والعلَّاف شيخي المعتزلة على أنه ليس يقدر الله تعالى من الخير على أصلح مما عمل» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «ومذهبهم أنه لا يقدر أن يفعل مع مخلوقٍ من المصلحة الدينيَّة غير ما فعل، ولا يقدر أن يهدي ضالًّا ولا يُضِلَّ مهتديًا» (٣). تعالى الله عن قولهم علوًّا عظيمًا.

وقد اختلف المعتزلة -بعد اتِّفاقهم على وجوب فعل الصلاح على الله للعباد- في مسألتين متفرِّعتين عن هذه المسألة:

المسألة الأولى: هل يجب على الله فعل الصلاح لعباده في الدين والدنيا، أم في الدين فقط؟

لهم في ذلك قولان (٤):

القول الأوَّل: أنه يجب على الله فعل الصلاح للعباد في الدين دون الدنيا.


(١) الفرق بين الفرق (ص: ١١٥ - ١١٦)، وانظر: تمهيد الأوائل (ص: ٢٨٩).
(٢) الفصل (٤/ ١٤٧).
(٣) مجموع الفتاوى (٨/ ٩٢).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٩٢)، ولوامع الأنوار (١/ ٣٢٩)، والعواصم والقواصم (٤/ ١٣).

<<  <   >  >>