للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مذهب سيبويه في هذا التركيب كما قال السيرافي: «أَنَّ الألف الداخلة على ((لا)) إذا كانت استفهامًا جاز فيما بعد ((لا)) الرفع والنصب ... ، وأما إذا كانت بمعنى التمنِّي فمذهبه وجوب النصب») (١).

أي أَنَّ إعراب اسم ((لا)) في التركيب السابق يتوقَّف على نوع السِّياق الذي ترد فيه الجملة، هل هو سياق استفهام أم سياق تمنِّي. ونص سيبويه في هذا يقول: «واعلم أَنَّ لا إذا كانت مع ألف الاستفهام ودخل فيها معنى التمني عملت فيما بعدها؛ فنصبته») (٢).

إن اعتبار الهمزة في بداية التركيب «أ) همزة الاستفهام (+ لا) النافية للجنس (+ اسم لا + خبر لا» للاستفهام يضعنا في سياق حال مكوُّن على الأَقَلّ من ثلاثة أطراف: متكلم مستفهِم، ومخاطَب مستفهَم منه، وأمر مستفهم عنه. وإذا رفع المُتَكَلِّم ما بعد لا قائلا: ((ألا غلامٌ لي)) فعلى اعتبار أَنَّ ((لا)) لنفي ((الوحدة)) التي ترفع الاسم بعدها عاملة عمل ليس. ولا النافية للوحدة تأتي لـ «النفي القاصر على فرد أو مجموعة واحدة، دون أَنْ يشمل ذلك النفي أفرادًا أخر أو مجموعات

أخر») (٣). وإذا نصب المُتَكَلِّم الجملة «ألا غلامًا لى» فعلى أَنَّ لا لنفي الجنس، واسم لا شبيه بالمضاف، والخبر محذوف، والتقدير: «ألا غلاما لي موجود».

وإذا اعتبرنا أَنَّ «ألا» للتمني؛ فلا يجوز إلا النصب؛ لأَنَّها ستكون «حرف تمنِّي بمعنى أتمنى، مركبة من همزة الاستفهام ولا النافية للجنس، التي بقي عملها في الاسم فقط، حيث لا خبر لها لفظا أو تقديرا؛ لأَنَّها بمعنى أتمنى، والفعل أتمنى لا خبر له، ولا يجوز مراعاة محلها مع اسمها أو إلغاؤها ولو تكررت؛ لأَنَّها بمنزلة ليت») (٤). وكَأَنَّ الجملة أصبحت «أتمنى غلاما لي».

ومن الواضح أَنَّ اعتبار «لا» نافية للوحدة أو نافية للجنس أو للتمني أمر يتوقَّف على السِّياق الذي تقال فيه الجملة، وسيبويه وإن لم يشر لهذا السياق بصورة واضحة إلا أَنَّه يُفْهَمُ ضمنا من كلامه، إذ لا يمكن التحديد بدون السِّياق. وإهدار السِّياق هنا يفوّت الوقوف على هذه التوجيهات ويوقعنا في فوضى إعرابية.

••وعندما تقابلنا الجملة التالية: ((لا آمِرَ يوم الجمعة) نتساءل: هل يمكن أَنْ يكون لكلمة ((آمر)) توجيها إعرابيا آخر غير كونها اسم لا مبني على الفتح؟ الإجابة بالإثبات؛ وذلك في حالة تفعيل


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٣٠٧ حيث نقل المحقق كلامه في الحاشية ذات الرَّقْم ٢
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٣٠٧
(٣) د. محمد عيد: النحو المصفى، ص ١٨٣
(٤) د. علي توفيق الحمد: المعجم الوافي في أدوات النحو العربي، ص ٥٤

<<  <   >  >>