للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منعها) أي: ما منع إِنَّ من أنْ تُفتح (أَنْ تكونَ كقولك: ما يدريك أَنَّه لا يفعلُ؟ فقال) الخليل (: لا يحسن ذا في ذا الموضع، إِنَّمَا قال: وما يشعركم، ثُمَّ ابتدأ فأوجب: إنها إذا جاءت لا يؤمنون. ولو قال: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، كان ذلك عذرا لهم») (١).

إن الخليل هنا يُعَلِّمُ سيبويه ويعلمنا معه أهمِيَّة سكتات المُتَكَلِّم ووقفاته في توليد الدِّلَالَة من خلال الآية السابقة التي تحتوي جملتين «وَمَا يُشْعِرُكُم» و «إنَّها إذا جاءتْ لا يُؤْمِنُون» التي يمكن أَنْ تنطقا معا دفعة واحدة؛ فتظهر الجملتان ــ كما قال الخليل ــ كَأَنَّهما عذر للمشركين، وهذا ليس مراد الآية) (٢). أَمَّا الطريقة الصَّوْتِيَّة التي تنسجم مع معنى الخليل الذي قال به فهي: أَنْ تقال الجملة الأولى «وَمَا يُشْعِرُكُم» ثُمَّ يتوقَّف عندها المُتَكَلِّم) القارئ (بنَغْمَة هابطة علامة على انتهاء الجملة وأنَّها جملة مفيدة، ثُمَّ يُبْدَأُ بالجملة الثانية «إنَّها إذا جاءتْ لا يُؤْمِنُون» كَأَنَّها جملة خبرِيِّة مُبتَدَأٌ بها مستأنفة ولا بد أَنْ يستصحب هذا بنَغْمَة صوتيَّة تعبر عن هذا الابتداء والاستئناف.

وللآية محل النقاش قراءة أخرى عن حفص تفتح فيها همزة إِنَّ: {وَمَا يُشْعِرُكُم أنَّها ... }، يتأوَّلها الخليل على الرجاء، كَأَنَّه قيل: «لعلها إذا جاءت لا يؤمنون») (٣).

ففي الآية السابقة تُفتح الهمزة إذا كان المعنى عذرا للمشركين) وهذا المعنى ليس المراد من الآية كما قال الخليل (، وتكسر همزة إِنَّ إذا كانت الجملة الثانية جملة مستأنفة. ويرتبط هذا كله بإمكانيَّة سكوت المُتَكَلِّم.


(١) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٢٣
(٢) ينظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، دار الفكر، القاهرة، ط ٢، ) ١٩٨٨ م (، ٢/ ٢٦٤
(٣) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٢٣

<<  <   >  >>