للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك اكتفى بعض العلماء في تعريف المفعول المطلق بأنَّه: «المصدر الفضلة المؤكد

لعامله») (١). ولم يوضحوا علاقة هذا المعنى بالسِّياق) (٢).


(١) د. محمد إبراهيم عبادة: معجم مصطلحات النحو، ص ٢٤٣
(٢) ونحب قبل إبراز حديث سيبويه عن التوكيد الذي يعطيه ويُقَدِّمه المفعول المطلق أن نسهب القول بعض الشيء عن التوكيد نفسه، وذلك لاستيضاح علاقة سياق الحال بالتوكيد عامة، وأيضا لاحتياجنا إليه في هذا الموضع، وعند حديثنا ــ إِنْ شاء الله ــ عن التوابع.
درس علماء اللُّغَة التوكيد ووظيفته وأشكاله في الكلام، وبعد دراستهم له قالوا:
»
قال ابن منظور في مادة ((وكد)): ((قال أبو العباس: التوكيد دخل في الكلام لإخراج الشك، وفي الأعداد لإحاطة الأجزاء، زمن ذلك أن تقول: كلمني أخوك؛ فيجوز أن يكون كلمك هو، أو أمر غلامه بأن يكلمك. فإذا قلت كلمني أخوك تكليما؛ لم يجز أن يكون المكلم لك إلا هو)). [لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط ٣، ) ١٤١٤ هـ (، ٣/ ٤٦٦]
» وقال أيضا: ((التوكيد بالمصدر دخل لإخراج الشك ... ، قال أحمد بن يحيي في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]: لو جاءت {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى} مُجَرَّدة لاحتمل ما قلنا وما قالوا؛ يعني المعتزلة؛ فلما جاء {تَكْلِيمًا} خرج الشك الذي كان يدخل الكلام)). [لسان العرب، ١٢/ ٥٢٤]
» قال الصاغاني: ((التوكيد دخل في الكلام على وجهين: تكرير صريح وغير صريح، فالصريح نحو قولك: رأيت زيدًا زيدًا. وغير الصريح نحو قولك: فعل زيد نفسه ... وجدوى التوكيد أنك إذا كررت؛ فقد قررت المؤكد وما علق به في نفس السامع، ومكنته في قلبه، وأمطت شبهة ربما خالجته، أو توهمت غفلة وذهابا عما أنت بصدده؛ فأزلته، فَإِنَّ لظان أن يظن حين قلت: فعل زيد، إِنَّ إسناد الفعل إليه تجوز أو سهو)).
[الزبيدي: تاج العروس، مادة ((وكد))، ٩/ ٣٢٠ ــ ٣٢١]
» قال الأزهري: ((والعرب تقول: إذا وكد الكلام لم يجز أن يكون التوكيد لغوا، والتوكيد بالمصدر دخل لإخراج الشك)). [تهذيب اللُّغَة: دار إحياء التراث العربي، ت: محمد عوض، بيروت، ط ١، ) ٢٠٠١ م (، ١٠/ ١٤٨]
» وقال التهانوي: ((التوكيد في اصطلاح أهل العَرَبِيَّة يطلق على التقرير؛ أي جعل الشيء مقررا ثابتا في ذهن المخاطب)). [موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، ت: د. علي دحروج، نقل النص الفارسي إلى العَرَبِيَّة: د. عبد الله الخالدي، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، ط ١، ) ١٩٩٦ م (، ١/ ٣٧٣]
من مجموع هذه النصوص نستخلص أن وظيفة التوكيد تتمحور حول الأغراض التالية: إزالة الشك من نفس المخاطب، تقرير المؤكد في نفس السامع أو المخاطب، دفع المُتَكَلِّم توهم غفلة في كلامه.
وتثير هذه الأغراض الثلاثة وخاصة الغرض الأول التساؤلات الآتية: هل الشك في الكلام يتولد في بداية الكلام، أم أن الشك يظهر في مرحلة تالية من بدء الكلام؟ ومتى يشعر المُتَكَلِّم أنه في حالة شك؟ هل تظهر أمارات تدل على الشك على المخاطب؟
إن ارتباط الشك بسياق الحال أمر جلي؛ فليس كل ما يقال للإنسان يشك فيه؛ إلا إذا أدت قرائن الحال في المخاطب إلى هذا الشك، مثل: تعبيرات الوجه وتقطيبه، حركة اليدين وحك الرأس، مط الشفتين. وهذا كله يدخل =

<<  <   >  >>