للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتحقق إلا فيه») (١)، وإذا «دخلت على ماض خلصت زمنه للمستقبل، بشرط أَنْ تكون للمعنى الذي ذكرناه؛ كقوله تعالى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} التوبة: ١٢٢؛ أي: فلولا ينفر») (٢).

• وعللوا اختصاص هذه الحروف بـ «الفعلِيَّة»؛ فقالوا: «مضمون الجملة الفعلِيَّة حادث متجدِّد فيتعلق به الطلب بقوة وحث، أو برفق وهو ما يفيده التحضيض والعرض ... ، وإن دخلا على الماضي لفظًا أو تأويلا، كانا للزجر وللتوبيخ على ترك الفعل في الماضي نحو قوله ــ تعالى ــ {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} النور: ١٣») (٣).

• وقرنوا بعض الأدوات بالعرض بناء على التتَبُّع الاستعمالي لها، فقالوا عن الأداة «أَلَا» أنَّها «للعرض، وتكاد تنفرد به «أَلَا»، وهو الأكثر في استعمالها») (٤).

بعد كل هذه الأقوال نقول:

• إنَّ «البعد السِّياقي» واضح في كلِّ ما قيل عن هذه الأدوات، فهو لا بدَّ أَنْ يتدخل في تجلية الفرق بين العرض والتحضيض، فالسِّياق هو الذي يحدد قصد المُتَكَلِّم ــ مع نبرات صوته ــ إذا كان كلامه عرضا أم حضا.

• والبعد السِّياقي هو الذي يفسر ملازمة هذة الأدوات للفعلية.

• والبعد السِّياقي هو الذي مكَّن النُّحَاة ــ بما فيهم إمامهم سيبويه ــ من الوقوف على هذه الأدوات في حد ذاتها وتحديد وظيفتها الاستعمالية بالعرض أوالتحضيض، وإلا كيف يمكننا التفرقة مثلا بين «ألا» التي تفيد التنبيه و «ألا» التي تفيد العرض.

• والبعد السِّياقي هو الذي يفسر انتقال هذه الأدوات من «العرض والحض» إلى

«التوبيخ والزجر والتنديم») (٥).


(١) السابق: ٤/ ٥١٣
(٢) السابق: ٤/ ٥١٤
(٣) محمد عبد العزيز النجار: ضياء السالك لأوضح المسالك، ٤/ ٧٧
(٤) عباس حسن: النحو الوافي، ٤/ ٥١٣
(٥) جاء في ((جامع الدروس العَرَبِيَّة)) لمصطفى بن محمد سليم الغلايينى: ((والفرقُ بينَ التحضيضِ والتّنديمِ أنَّ هذه الأحرفَ إِنْ دخلت على المضارع فهيَ للحضِّ على العملِ وتركِ التهاوُنِ به، نحو: ((هَلاّ يرتدعُ فلانٌ عن غيِّه))،
((أَلاَّ تَتُوبُ من ذنبِك))، ((لولا تستغفرونَ اللهَ))، {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} الحجر: ٧، {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} النور: ٢٢ وإن دخلت على الماضي كانت لجعلِ الفاعلِ يندَمُ على فواتِ الأمر وعلى التّهاون به، نحو: ((هلاّ = اجتهدتَ))، تُقرِّعهُ على إهمالهِ، وتُوبِّخهُ على عدَم الاجتهاد؛ فتجعلُهُ يندَمُ على ما فَرَّطَ وضيَّع. ومنهُ قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} الأحقاف: ٢٨))، ٣/ ٢٦٠

<<  <   >  >>