للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعلام؛ أي أَنَّ الخلفيَّة الاجتِماعِيَّة هنا ومدى إلمام المخاطب بها تتحكمان في صحة هذا التركيب وتؤثِّران عليه، والدليل على صحة هذا التأثير أَنَّنا لو ترجمنا هذه الجمل ترجمة حرفية إلى لغة أخرى غير العربِيَّة كالإنجليزية أو الفرنسية لما فهم صاحب هذه اللُّغَة شيئا من هذه العبارة؛ لعدم إلمامه بالخلفيَّةالاجتِماعِيَّة السِّياقِيَّة لها.

أي أَنَّ ما يبرر تنكير المعرفة في هذا الأسلوب علم المخاطب والخلفيَّة الاجتِماعِيَّة لهذه الأعلام) (١).

ويدعو الأستاذ عباس حسن إلى عدم التوسُّع في هذا الأسلوب؛ أي: عدم التوسع في مجيء اسم لا النافية للجنس معرفة، وعدم القياس عليه. يقول: «علينا أَنْ نتقبَّل تلك النصوص بحالها الظاهر دون محاكاتها، ونقتصر فى استعمالنا على اللُّغَة الشائعة المشهورة التى تشترط الشروط التى

عرفناها؛ توحيدًا لأداة التفاهم، ومنعًا للتشعيب بين المتخاطبين بلغة واحدة») (٢).

ونقدم هنا رأيا قد يخالف معلمنا الأستاذ عباس حسن، هذا الرأي يقول إنَّه لا مشكلة في التوسُّع في مثل هذا الأسلوب، وأَنْ نأتي باسم لا النافية للجنس معرفة بشرطين:

• أَنْ يكون عَلَمًا.

• وأَنْ يكون هذا العلم مشهورا ومعروفا عند عامة الناس.

والشرط الثاني هنا يساوي ما قالة الخليل في النَّصّ السابق «وعلم المخاطَب أَنَّهُ قد دخل ... ». فنحن يمكن مثلا أنْ نقول:

» معركة حربية ولا خالد بن الوليد لها.


(١) نقل د. فاضل السامرائي أقوال النحاة الذين يؤولون العَلَم ــ الذي يأتي اسم لا النافية بالجنس ــ بالنكرة، في مثل قولهم: ((قضية ولا أبا حسن لها))، فقال سيادته) معاني النحو ١/ ٣٦٣ (: (( ... وهم في ذلك على ثلاثة أقوال: فمنهم من ذهب إلى أن التقدير: ولا مسمى بأبي الحسن ... والقول الثاني: على تقدير ((مثل))، أي: ولا مثل أبي حسن ... ، والقول الثالث: أنْ يستخلص من العلم معنى الوصف الذي اشتهر به ذلك العَلَم؛ فيكون هو المنفي، فقولك: ((لا حاتم اليوم)) معناه: لا كريم، وقوله: ((لا هيثم الليلة للمطي)) معناه: لا سائق، وقولهم: ((قضية ولا أبا حسن لها)) معناه: لا فيصل لها وهكذا)). وينقل بعد الرأي الثالث قول الرضي على الكافية الذي يقول فيه) شرح الكافية القسم الأول ص ٨٣٠ (: ((وإمَّا أنْ يجعلَ العلمُ لاشتهاره بتلك الخَلَّةِ، كأنَّه اسم جنس موضوع لإفادة ذلك المعنى؛ لأن معنى قضية ولا أبا حسن لها: لا فيصل لها ... فصار اسمه ــ عليه السلام ــ كالجنس المفيد لمعنى الفصل والقطع، كلفظ الفيصل، وعلى هذا يمكن وصفه بالمنكر، وهذا كما قالوا: لكل فرعونٍ موسىً؛ أي: لكل جبار قهارٌ، فيصرفون فرعون وموسى لتنكيرهما بالمعنى المذكور)). ويعلق د. السامرائي على الرأي الثالث وبعد نقل كلام الرضي بقوله: ((وهذا القول أقربها إلى الصواب))، وهو قريب مما أشرنا إليه.
(٢) النحو الوافي: ١/ ٦٩٥

<<  <   >  >>